ولا يقتصر التهريج على وائل عبد اللطيف، بل يشمل أيضًا عددًا من أعضاء مجلس النواب، فمثلًا، النائب رائد المالكي مطلوب للقضاء على خلفية شكوى مقدّمة من رئيس مجلس الوزراء، بسبب قيامه بتضليل الرأي العام بشأن إحالة رئيس المحكمة الاتحادية السابق، جاسم العميري، على التقاعد، إذ ادّعى كذبًا أن رئيس الوزراء مارس ضغوطًا على العميري للتراجع عن قرار العدول الذي أصدره عام 2023 بخصوص اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله. والحقيقة إن إحالة العميري على التقاعد جاءت بعد أن رفض تسعة من قضاة المحكمة الاستمرار في العمل في ظل وجوده، نتيجة تسييسه لقرارات المحكمة وابتعاده عن السلوك القضائي، حين طلب تدخل القوى السياسية بشكل علني، عبر مخاطبات رسمية وجّهها إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب. بل إن العميري نفسه هو من مارس الضغوط على أعضاء المحكمة للعدول عن قراره، بعد أن أدرك حجم الخطيئة الدستورية التي ارتكبها، والاضطراب الذي خلّفه في بنية النظام القضائي. وعلى أثر الشكوى، وجّه جهاز الادعاء العام كتابًا إلى مجلس النواب بالعدد (48/حصانة/2025/288) بتاريخ 2025/6/29، لاستحصال الموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. أما النائب عامر عبد الجبار، فيواجه شكوى جزائية مقدّمة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بناءً على كتاب رئاسة الادعاء العام الموجّه إلى رئاسة البرلمان بالعدد (52/حصانة/2025/293)، والمؤرخ في 2025/6/30، يطلب فيه استحصال الموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، عن تصريحات أدلى بها تسيء إلى الحكومة العراقية. النائب أمير كامل المعموري، بدوره، يواجه شكوى من المدير المفوض لشركة “الأويس” للتجارة والمقاولات والتجهيزات الغذائية، على خلفية مقطع فيديو نشره على صفحته الشخصية، تضمّن إساءة مباشرة وتحريضًا ضد الشركة، وفقًا لكتاب رئاسة الادعاء العام المرقم (50/حصانة/2025/291) بتاريخ 2025/6/30، الموجّه إلى مجلس النواب لاستحصال الموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. أما النائب ياسر هاشم الحسيني، فتلاحقه شكوى من شركة “سمارت كلاود التركية”، بعد قيامه بنشر مقطع فيديو يتّهم فيه الشركة بالتزوير وينفي وجودها القانوني في العراق، وهو ما دفع رئاسة الادعاء العام إلى توجيه كتاب رسمي إلى مجلس النواب بالعدد (25/حصانة/2024/748) بتاريخ 2024/10/17، لاستحصال الموافقة على اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
ورغم كل ذلك، لا يزال هؤلاء السياسين يزعمون أن قرار المحكمة الاتحادية لسنة 2023 بشأن اتفاقية خور عبد الله هو قرار بات وملزم لا يجوز إلغاؤه، متجاهلين قرار المحكمة ذاته الصادر في 2014، الذي فصل النزاع نفسه بشكل أدق وأعمق وأقرب للمعايير الدستورية والقانونية وهو قرار بات وملزم ولا يجوز للمحكمة العدول عنه. وقد تم التآمر على هذا القرار من خلال تنسيق سياسي وقضائي بين رئيس المحكمة السابق جاسم العميري والنائبين رائد المالكي وسعود الساعدي، إذ تم تقديم طعن شكلي لتبرير العدول، رغم أن المادة (45) من النظام الداخلي للمحكمة لا تجيز العدول عن “الحكم”، بل عن “المبدأ”، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام نظام داخلي لتجاوز مبدأ “حجية الشيء المقضي به” الذي يمثل ركيزة من ركائز الأمن القانوني في الأنظمة الدستورية.
ولم يكتفِ هؤلاء بتشويه الأحكام القضائية، بل حاولوا تضليل الجمهور بادعاء أن مقال الدكتور القاضي فائق زيدان الموسوم “أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين”، المنشور باسمه الشخصي، هو بمثابة قرار سياسي بالتنازل عن خور عبد الله، في حين أن المقال جاء في سياق تحليل دستوري خالص للأزمة، ولم يتضمّن أي موقف رسمي، بل سلّط الضوء على خطورة التناقض القضائي وتأثيره على استقرار المراكز القانونية والالتزامات الدولية للدولة العراقية، وقد نُشر بصفته كاتبًا لا بصفته الوظيفية.
أما الاتفاقية نفسها، فه بعيدة كل البعد عن التنازل عن السيادة كما يُروّج. فهي لا تتضمن ترسيمًا جديدًا للحدود، بل تنظم الملاحة البحرية في ممر خور عبد الله، وفق ما تنص عليه المادة (1) من قانون تصديق الاتفاقية، بينما تنص المادة (6) منه على أن الاتفاقية لا تؤثر على الحدود المرسومة مسبقًا بقرار مجلس الأمن (833) لسنة 1993. الاتفاقية وُقعت بطلب من العراق، في بغداد، ومنحته حقًا واضحًا باستخدام (15 كيلومترًا) من المياه الإقليمية الكويتية دون أية قيود مفروضة بموجب قانون البحار، وهو مكسب قانوني يُغفله المهرّجون عمدًا. الأسوأ أن من يطالب بإلغائها لا يطرح بديلاً واقعيًا، ويتجاهل العواقب الوخيمة التي قد تترتب على العراق في حال خرقه لاتفاق دولي مودع لدى الأمم المتحدة، ما قد يؤدي إلى إعادة فتح ملف الفصل السابع، وإدخال البلاد في أزمة مع المجتمع الدولي.
إن ما يحدث ليس خلافًا مشروعًا، بل حملة تضليل يقودها مدانون ومتهمون، يسعون إلى حرف الأنظار عن جرائمهم، وتسويق أنفسهم كمدافعين عن الوطن عبر تهريج إعلامي لا يستند إلى منطق ولا إلى قانون. والواقع أن الوطن لا يُحمى بالكذب، والسيادة لا تُصان بالخداع، ومن يهدد الأمن القانوني للدولة لا يستحق أن يكون في موقع مسؤولية، بل في قفص الاتهام.
ورغم كل ذلك، لا يزال هؤلاء السياسين يزعمون أن قرار المحكمة الاتحادية لسنة 2023 بشأن اتفاقية خور عبد الله هو قرار بات وملزم لا يجوز إلغاؤه، متجاهلين قرار المحكمة ذاته الصادر في 2014، الذي فصل النزاع نفسه بشكل أدق وأعمق وأقرب للمعايير الدستورية والقانونية وهو قرار بات وملزم ولا يجوز للمحكمة العدول عنه. وقد تم التآمر على هذا القرار من خلال تنسيق سياسي وقضائي بين رئيس المحكمة السابق جاسم العميري والنائبين رائد المالكي وسعود الساعدي، إذ تم تقديم طعن شكلي لتبرير العدول، رغم أن المادة (45) من النظام الداخلي للمحكمة لا تجيز العدول عن “الحكم”، بل عن “المبدأ”، ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام نظام داخلي لتجاوز مبدأ “حجية الشيء المقضي به” الذي يمثل ركيزة من ركائز الأمن القانوني في الأنظمة الدستورية.
ولم يكتفِ هؤلاء بتشويه الأحكام القضائية، بل حاولوا تضليل الجمهور بادعاء أن مقال الدكتور القاضي فائق زيدان الموسوم “أمواج خور عبد الله بين قرارين متناقضين”، المنشور باسمه الشخصي، هو بمثابة قرار سياسي بالتنازل عن خور عبد الله، في حين أن المقال جاء في سياق تحليل دستوري خالص للأزمة، ولم يتضمّن أي موقف رسمي، بل سلّط الضوء على خطورة التناقض القضائي وتأثيره على استقرار المراكز القانونية والالتزامات الدولية للدولة العراقية، وقد نُشر بصفته كاتبًا لا بصفته الوظيفية.
أما الاتفاقية نفسها، فه بعيدة كل البعد عن التنازل عن السيادة كما يُروّج. فهي لا تتضمن ترسيمًا جديدًا للحدود، بل تنظم الملاحة البحرية في ممر خور عبد الله، وفق ما تنص عليه المادة (1) من قانون تصديق الاتفاقية، بينما تنص المادة (6) منه على أن الاتفاقية لا تؤثر على الحدود المرسومة مسبقًا بقرار مجلس الأمن (833) لسنة 1993. الاتفاقية وُقعت بطلب من العراق، في بغداد، ومنحته حقًا واضحًا باستخدام (15 كيلومترًا) من المياه الإقليمية الكويتية دون أية قيود مفروضة بموجب قانون البحار، وهو مكسب قانوني يُغفله المهرّجون عمدًا. الأسوأ أن من يطالب بإلغائها لا يطرح بديلاً واقعيًا، ويتجاهل العواقب الوخيمة التي قد تترتب على العراق في حال خرقه لاتفاق دولي مودع لدى الأمم المتحدة، ما قد يؤدي إلى إعادة فتح ملف الفصل السابع، وإدخال البلاد في أزمة مع المجتمع الدولي.
إن ما يحدث ليس خلافًا مشروعًا، بل حملة تضليل يقودها مدانون ومتهمون، يسعون إلى حرف الأنظار عن جرائمهم، وتسويق أنفسهم كمدافعين عن الوطن عبر تهريج إعلامي لا يستند إلى منطق ولا إلى قانون. والواقع أن الوطن لا يُحمى بالكذب، والسيادة لا تُصان بالخداع، ومن يهدد الأمن القانوني للدولة لا يستحق أن يكون في موقع مسؤولية، بل في قفص الاتهام.